تلفزيون كوريا الشمالية يطمس “السروال الإمبريالي” لمذيع بريطاني
فرض التلفزيون الحكومي في كوريا الشمالية رقابة جزئية على حلقة قديمة من برنامج “أسرار الحديقة”، وذلك من خلال طمس سروال المذيع آلان تيتشمارش.
وقالت صحيفة “ديلي ستار” البريطانية، “الاثنين الماضي بث التلفزيون الكوري الشمالي حلقة قديمة منذ عام 2010 من برنامج أسرار الحديقة، لكن كان النصف السفلي لمذيع (بي بي سي) آلان تيتشمارش غير واضح”.
وبررت الصحيفة الأمر بأن ارتداء الجينز يعتبر علامة على “الإمبريالية الغربية” في الدولة الشيوعية حيث تم حظره منذ عام 1990″، مضيفة، “يعتبر المذيع، البالغ من العمر 74 عاما، صادما للغاية بالنسبة للتلفزيون الحكومي في كوريا الشمالية لأنه يرتدي الجينز”.
وفي الحلقة التي بثها التلفزيون الكوري الشمالي، الاثنين، والتي تدور أحداثها في حدائق منزل يقع في مقاطعة هيرتفوردشاير البريطانية يعود تاريخ إنشائه إلى القرن الـ17، يمكن رؤية تيتشمارش جالسا على التربة في الحديقة، وأكمام قميصه مرفوعة، وأواني النباتات ومقصات التقليم جاهزة.
واختصرت الرقابة في كوريا الشمالية الحلقة الأصلية التي تم عرضها أول مرة في المملكة المتحدة عام 2010 ومدتها ساعة في 15 دقيقة فقط.
وقال تيتشمارش لـ”بي بي سي”، إن “بنطال الجينز الذي كنت أرتديه لم يكن ضيقا جدا، لكن من الواضح أنه غير مقبول في كوريا الشمالية. لم أر نفسي قط إمبرياليا تخريبيا خطيرا؛ بل ينظر إلي عموما على أنني مريح إلى حد ما وغير ضار إلى حد ما”.
وكان الزعيم الراحل كيم جونغ إيل أعلن في عام 1990، أن سراويل الجينز رمز للإمبريالية الغربية -وخاصة الأميركية- التي لا مكان لها في الدولة الاشتراكية.
وفي السنوات الأخيرة، شددت الدولة حملة القمع على الثقافة الغربية، حيث طالبت صحيفة “رودونغ سينمون” الحكومية المواطنين في عام 2020 رفض ما سمته “الثقافة البرجوازية” لصالح “أسلوب حياة اشتراكي متفوق”.
وتعد البرامج الغربية نادرة للغاية على شاشات كوريا الشمالية، حيث يحظر النظام الحاكم إدخال الثقافة الأجنبية إلى البلاد، ويعتبر امتلاك وسائل إعلام أجنبية أو المتاجرة بها أمرا غير قانوني.
وفي الوقت الذي يحظر فيه بيع أو اقتناء أطباق الأقمار الصناعية والوصول إلى الإنترنت العالمي باستثناء عدد قليل جدا من الفئات الموثوقة في بيونغ يانغ، فإن منتجات الإعلام الأجنبي تجد طريقها إلى البلاد، غالبا عبر بطاقات ذاكرة مهربة عبر الحدود الصينية.
كما يقوم التلفزيون الكوري الشمالي أحيانا بقرصنة المحتوى الأجنبي، عبر طمس الشعارات التي تظهر على الشاشة لإخفاء المصدر الأصلي، وهذا هو الحال غالبا عند بث مباريات الدوري الإنجليزي الممتاز ودوري أبطال أوروبا وباقي فعاليات كرة القدم الدولية.
وفي عام 2014 وخلال إحدى فترات تقارب كوريا الشمالية مع الغرب، جرت مناقشة إمكانية إهداء برامج تلفزيونية بريطانية إلى بيونغ يانغ كوسيلة لإظهار ما يسمى “القوة الناعمة”، إذ كشفت صحيفة “صنداي تايمز” حينها أن هيئة الإذاعة البريطانية ووزارة الخارجية كانا يأملان في “فتح أعين الشعب الكوري الشمالي على العالم الخارجي دون الإساءة إلى النظام”.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول بريطاني قوله، إن “البرامج المرسلة إلى كوريا الشمالية يجب أن تكون غير مسيئة، مثل مستر بين، أو إيست إندرس، أو الآنسة ماربل، أو بوارو”.
كوريا الشمالية.. بلد الغرائب
وفي واحدة من غرائب كوريا الشمالية، وصل زعيمها كيم جونغ أون إلى روسيا، في 12 سبتمبر/أيلول 2023 مستقلا قطارا بعربات مدرعة تم طلاؤها باللون الأخضر الداكن ومزين بشريط أصفر.
ونظرا لوزن جميع المعدات الإضافية، يتحرك القطار بسرعة 55 كيلومترا في الساعة فقط، ولذلك استغرقت رحلة كيم إلى فيتنام للقاء ترامب 65 ساعة، لكن القطار يتمتع بمزايا رئيسية مقارنة بالطائرة، حيث يوفر مرونة أكبر في الظروف غير المتوقعة، بما في ذلك الهجمات.
ومنذ توليه السلطة في عام 2011، قام كيم بـ7 رحلات دولية وعبر الحدود إلى كوريا الجنوبية مرتين، باستخدام القطار أبرزها رحلته إلى بكين عام 2018 وخلال مشاركته في قمة هانوي عام 2019 والتي شهدت لقاءه الرئيس الأميركي آنذاك دونالد ترامب.
وتمتلك عائلة كيم عدة قطارات متطابقة تقريبا من إنتاج مصنع في بيونغ يانغ والعربات التي استخدمها كيم جونغ إيل ووالده وسلفه كيم أيل سونغ مؤسس كوريا الشمالية، معروضة الآن في قصر كومسوسان التذكاري في بيونغ يانغ، حيث يرقد جثمانا الزعيمين.
ومن قرارات زعيمها كيم جونغ أون الغريبة أيضا، تحديد قصات الشعر التي تميز المتزوجات عن غير المتزوجات، وتحديد 28 قصة للرجال على أن يكون السالفان محلوقين لما فوق الأذنين، وألا يكون طول الشعر أكثر من 5 سنتيمرات.
ومن القرارات المثيرة للجدل، إصداره في الذكرى السنوية العاشرة (العام الماضي) لوفاة والده كيم جونغ إيل في ديسمبر/كانون الأول، مرسوما يمنع المواطنين من الضحك لمدة 11 يوما كفترة حداد.
السجن عقوبة مشاهدة الأفلام الأجنبية
ومن القرارات الصارمة التي تودع مخالفها السجن أو تقوده للإعدام، مشاهدة الأفلام الأجنبية أو الاستماع إلى الموسيقى الغربية.
وأصدرت السلطات الكورية الشمالية مؤخرا قرارات بإعدام عشرات المواطنين الذين شاهدوا مسلسلات من جارتها الغريمة كوريا الجنوبية، ومسلسلات من الولايات المتحدة الأميركية، في حين عوقب مشاهدو الأفلام الهندية على سبيل المثال بالسجن.
أيضا يحظر إجراء اتصالات ومكالمات دولية أو إظهار عدم الولاء كالنوم أثناء حديث الرئيس وهو ما يؤدي إلى الإعدام، كما أن ارتكاب الفرد جريمة ما قد يؤدي لسجن عائلته وأجداده وأطفاله، وذلك منعا للهروب من السجن حيث تحدثت تقارير عن وجود أكثر من 200 ألف معسكر للسجون.
وبما أن القوانين لا تسمح للمواطنين بمغادرة البلاد، فمن يحاول تخطي الحدود يطلق النار عليه على الفور، وبالنسبة للسياح، يفرض عليهم شخص من قبل السلطات دليلا سياحيا، ومن يحاول تخطي المجموعة السياحية أو التحدث مع السكان المحليين يزج به في السجن.
وفي كوريا الشمالية يمنع إطلاق اسم الزعيم كيم جونغ أون على المواليد الجدد، لتخليد اسمه من بعده.