اقتصادتذوق

البن اليمني: “من ركائز الإقتصاد اليمني”

ارتبط ظهور اسم القهوة في العالم باليمن في العصر الحديث، حيث ارتبطا بميناء المخا (موكا) وأصبح اسم هذه الميناء مرادفاً وملاصقاً للبن اليمني ذات الجودة العالية ووصل البن إلى دول عديدة حيث نقله التجار اليمنيين إلى القاهرة في بداية القرن السادس عشر، ووصل إلى اسطنبول، حيث افتتح أول مقهى للبن في عام 1554م، أما الأوروبيون فلم يصل إليهم إلا في عام 1906م ووصل إلى إنجلترا عام 1950م، ونتيجة لوصول البن اليمني إلى هذه المناطق فقد ذاع صيته وازداد الطلب عليه.

اليمن موطن البن وأساس شهرته
هناك اختلاف لدى الكثير من الباحثين والآراء عن الموطن الأساسي للبن فهناك من يرجح أن الموطن الاصلي لشجرة البن هي الحبشة أو القرن الأفريقي، ولكن ماهو مؤكد أن اليمن هي موطن زراعة البن وشهرته كمشروب، حيث يرى الرحالة الفرنسي جان دي لاروك الذي وصل إلى اليمن سنة ١١٢١ هجري/ ١٧٠٩م، وقال إن موطن البن هو اليمن، وإن اقتناع عرب اليمن، لا بل أهل المشرق جميعاً بأن شجرة القهوة لا تنمو في أي أرض من العالم إلا في أراضيهم”، وتؤكد دراسة للباحثة أروى الخطابي أن موطن البن الأصلي هو اليمن.

تشير بعض الدراسات أن البن اليمني وصل إنتاج العام من محصول القهوة في القرنين (17-18) إلى ما يقارب الأربعين ألف طن سنوياً، لتصدِّر اليمن منها ما بين 30 و35 ألف طن سنوياً، إلى وجهات وأسواق عالمية كبرى في دول الغرب والشرق. واستمرت شهرة اليمن العالمية والاقتصادية مرتكزة على تجارة محصول القهوة حتى أواخر القرن التاسع عشر. إلا أنه بعد ذلك شهد تراجعاً بسبب الحروب التي شهدتها سواحل البحر الأحمر، كالحرب العثمانية الإيطالية عام (1911)، والحرب العالمية الأولى (1914-1918)، وغيرها.

تزامن مع ذلك ظهور منتجين جدد للبن في العالم. وخلال الحرب الأهلية التي شهدتها اليمن في ستينيات القرن الماضي. تأثرت زراعة القهوة اليمنية لتشهد بعد ذلك في عقود السبعينيات والثمانينيات والتسعينيات اهتماماً ورعاية على المستويين الشعبي والرسمي،و تصاعد مؤشر الإنتاج والتصدير .وفي هذا السياق يشير تقرير النمو الاقتصادي الصادر عن البنك الدولي إلى أن صادرات اليمن من محصول القهوة بلغت نهاية 1999 نحو 43.3 مليون دولار أمريكي.

انتشار زراعة البن في اليمن:

انتشرت زراعة البن بشكل متسارع خلال القرن ٩هجري/ ١٥ م، بعد اكتشاف القهوة مباشرة في اليمن، ويلاحظ محاولات استزراع البن في بداية أمره في تهامة وخاصة بزبيد وفشل ذلك لأسباب مناخية وبيئية خالصة. وفي القرن ١٠ هجري/ ١٦م، أصبحت أغلب جبال اليمن مكسوة بالبن، وهو ما أشارت إليه الرحلات الأوروبية السابقة وعد البن الفقيهي- نسبة إلى السوق العالمية للبن في مدينة بيت الفقية- أجود أنواع البن على الأطلاق، واستمرت اليمن مصدر البن الوحيد إلى مختتم القرن ١٧م، وأصبح للتجارة اليمنية سوق جديدة فتحت لها الأبواب في أغلب أسواق العالم وهو سوق البن، بل أن كثيراً من اليمنيين عملوا وشاركوا في هذه التجارة بطريقة أو بأخرى من زراعة أو حصاد أو وسيط تجاري أو تاجر أو طبقة عاملة تقتات منه، وحتى النخب الحاكمة الوطنية أو العثمانية أصبحت بوجه أو بأخر مساهمة في زراعته وتجارته، فأغلب قادة الحملات العثمانية على اليمن ولولاة العثمانيين في العهد الأول لحكم اليمن ( ٩٤٤-١٠٤٥ هجري/ ١٥٣٨-١٦٣٥) كانوا ممن تاجر بالقهوة وامتلك مقاهي أو ما كان يسمى بيوت القهوة.

مناطق زراعة البن:
يتم زراعة البن في بطون الأودية والمدرجات الزراعية التي يتراوح ارتفاعها عن سطح البحر ما بين 1000-1700 متر، ونظراً للتقارب في الأجواء المناخية في معظم مناطق اليمن فإن البن يزرع في عدة مناطق وعلى نطاق واسع من اليمن وأهم تلك المناطق محافظة صنعاء حيث يزرع في مناخة وبني مطر وحراز والحيمة كما يزرع في محافظة حجة وبالتحديد مناطق جبال رازح التي يزرع فيها بشكل كبير كما يزرع في مديرية العدين ويافع وبني حماد ، ومحافظة صعدة في منطقة خولان بن عامر وغيرها من مناطق اليمن.

يتطلب زراعة البن ظروفً معينة للنمو مثل المناخ المناسب، والتربة، وهطول الأمطار…وغيرها. ومنطقة ماتسمى حزام القهوة هي المنطقة التي توفر الظروف المثالية لنمو شجرة البن، وهناك حوالي 70 دولة تقع على طول حزام القهوة، ولكن ليست جميعها مثالية لزراعة البن. ومن بين 70 دولة، هناك حوالي 40 دولة مصنفة كدول حزام القهوة حيث تتمتع هذه البلدان مناخات تحبها شجرة البن، يمتد حزام القهوة أفقياً على طوله، و يمتد على خط عرض 25 درجة شمالاً و30 درجة جنوب خط الاستواء . تقع بين مدار السرطان ومدار الجدي.

أصناف البن المنزرعة في اليمن:

تعتبر شجرة البن من المحاصيل الزراعية النقدية، وهي شجيرة تختلف في الطول من منطقة لأخرى، ومن صنف لأخر إلا أن معظم الأصناف اليمنية لاتتعدى طولها (٤.٥- ٦)أمتار و شجرة جذور عميقة تصل إلى ثلاث أمتار وأوراقها ناعمة دائمة الخضرة زوجية وساقها خشبي والثمرة عبارة عن علبة لحمية صغيرة يتحول لونها من الأخضر إلى البني أو القرموزي وبداخلها بذرتان ومحاطة بالقشر وينتمي البن لجنس coffea ويحتوي على أكثر من ٢٥ نوعاً.

يتميز البن يمني بجودته العالية وأصالته على مر التاريخ، وبالطبع ليست هذه أنواعه فقط بل هناك العديد والعديد من انواع البن اليمني، والتي تختلف اختلافًا تامًا عن باقي أنواع القهوة حول العالم، فمثلًا الفرق بين القهوه البريه والهررية و الخولانية يكمن في اختلاف كل نكهة عن الأخرى تمامًا، لكن تتميز الخولانية بطعمها الذي يعلق مع شاربه ويستحيل نسيانه، ويعتبر هذا هو ما يميز البن الخولاني عن باقي أنواع القهوة.

تزرع في اليمن ثلاثة أصناف من البن تندرج تحت مسمى البن اليمني وهي: الصنف العديني – الصنف التفاحي – الصنف الدوائري. وتختلف تسمية أصناف البن تبعاً للمنطقة التي يزرع فيها حيث يسمى باسم المنطقة التي يزرع فيها منها البن الحمادي، واليافعي، والبرعي، والحرازي، والمطري، والحيمي.وهناك تصنيف على أساس الأسواق كالبن الصلبي نسبة إلى سوق الصلبة في شمال تهامة اليمن واخيراً تصنيف على أساس اللون كالبن الأحمر والأخضر.

 

مقالات ذات صلة

https://shop.aldakheeloud.com/ متجر الدخيل للعود
زر الذهاب إلى الأعلى