في الثاني عشر من فبراير عام 1910م وُلد لي بيونج تشول في قرية صغيرة بمدينة ويريونج الكورية، حاملًا في داخله بذرة نجم ينتظر الشروق. نشأ في عائلة ثرية تنتمي إلى طبقة النخبة تملك أراضي زراعية ومصانع لإنتاج الأرز، وبلا شك ساهمت هذه النشأة الفريدة في تنمية شعوره بالمسؤولية والطموح منذ صغره.
في مطلع الربع الثاني من عام 1925 التحق لي بيونج تشول بمدرسة كيونججي التجارية الثانوية في سيول؛ حيث درس التجارة والاقتصاد، وأظهر نبوغًا فريدًا، وتميز بذكائه وروحه المبادرة.
وفور تخرجه من المدرسة التحق بجامعة واسيدا العريقة في طوكيو، اليابان، لدراسة القانون، هناك انفتح ذهنه على آفاق عالمية جديدة، وتعرف على ممارسات تجارية متقدمة، واطلع على ثقافات مختلفة.
مع بداية عام 1938م عاد “تشول” إلى وطنه حاملًا معه حلمه الكبير، حلم تجسد في شركة صغيرة حملت اسم “سامسونج سانج هوي”، وتعني كلمة “سامسونج” باللغة الكورية “ثلاثة نجوم”، وركزت الشركة في بداياتها على تصدير الفواكه والخضراوات والأسماك المجففة إلى الصين ومانشوريا.
وواجهت شركة “سامسونج سانج هوي” صعوبات جمة خلال الحرب العالمية الثانية لكن لي بيونج تشول لم يستسلم بل واصل العمل بإصرار وعزيمة لا تلين.
مع اندلاع الحرب الكورية عام 1950م واجه “تشول” تحديات جسيمة كادت أن تطفئ نجومه الثلاثة؛ حيث دُمرت مصانع سامسونج وتعرضت أصولها للنهب، واضطر إلى مغادرة كوريا مؤقتًا، لكنه لم يتخل عن طموحه، بل واصل العمل من الخارج لإعادة بناء سامسونج.
بعد انتهاء الحرب الكورية عاد لي بيونج تشول مرة أخرى إلى كوريا عام 1953م متحمسًا لإِعمار بلاده وإعادة بناء سامسونج، ركز على مجالات جديدة مثل: المنسوجات والأسمدة والسكر والورق، وفي عام 1954م أسس شركة تشيل جيدانج، لتصبح نقطة تحوّل رئيسية في مسيرة سامسونج نحو التوسع في قطاعات جديدة خارج التجارة.
في الستينيات بدأت سامسونج تنويع أنشطتها بشكلٍ كبيرٍ، ودخلت مجالات جديدة مثل: الإلكترونيات والبتروكيماويات وبناء السفن، وكان لي بيونج تشول مُؤمنًا بإمكانيات هذه المجالات، وسعى لجعل سامسونج شركة عالمية رائدة.
في ثمانينيات القرن الماضي اتخذت سامسونج خطوات حثيثة نحو العالمية، رافعة شعار الابتكار والتميز، وخصصت الشركة جزءًا كبيرًا من ميزانيتها للبحث والتطوير، إيمانًا منها بأن الابتكار هو الركيزة الأساسية للنمو والتقدم.
وتحت قيادة لي كون هي، خليفة لي بيونج تشول، شهدت سامسونج تحولًا هائلًا؛ حيث دخلت سوق الهاتف المحمول في أواخر الثمانينيات، وفتحت أبوابها لصناعة الهواتف الذكية في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.
وبرزت سلسلة هواتف جالاكسي كعلامة بارزة في عالم التكنولوجيا، ونالت ثقة الملايين حول العالم؛ لتؤكد مكانة سامسونج كمنافس رئيسي في هذه الصناعة.
لم تتوقف مسيرة سامسونج عند حدود الهواتف الذكية بل اتجهت نحو قطاع تكنولوجيا العرض؛ حيث أصبحت رائدة في تصنيع مختلف أنواع الشاشات، مستخدمة تقنياتها المبتكرة في أجهزة التلفزيون والشاشات والهواتف الذكية وغيرها، ومع مرور الزمن تحولت إلى تكتل ضخم يضم شركات فرعية متنوعة، تشمل: الإلكترونيات الاستهلاكية وأشباه الموصلات والهواتف المحمولة وغيرها، تاركةً بصمة واضحة في عالم الأعمال.
لم يكن لي بيونج تشول مجرد رجل أعمال ناجح بل كان رجلًا ذا حس إنساني عال ومسؤولية اجتماعية كبيرة؛ ففي عام 1965م أنشأ مؤسسة سامسونج إيمانًا منه بأهمية دعم المجتمع؛ حيث قدمت المؤسسة الدعم للعديد من الأنشطة الخيرية والتعليمية.
وكان إيمان “لي” بالتعليم راسخًا؛ إذ اعتبره حجر الأساس لتقدم كوريا الجنوبية؛ فبنى مؤسسة سامسونج للمنح الدراسية لتقديم الدعم للطلاب الموهوبين والسعي لتمكينهم من تحقيق أحلامهم.
لم تتوقف مبادرات سامسونج عند حدود كوريا الجنوبية بل امتدت لتشمل دعم جهود الإغاثة في حالات الكوارث والبرامج الصحية على مستوى العالم.