أكبر 5 تحديات تواجه الشركات الناشئة في عام 2024
كانت 2023 سنة صعبة اتسمت بالشك وعدم اليقين بالنسبة للشركات الناشئة، حيث انخفض تمويل رأس المال الاستثماري بنسبة 38%، وهو أدنى مستوى له منذ 5 سنوات حسب ما ذكرت منصة “تي تيك”.
وسرعان ما رأى رواد الأعمال ميزانياتهم مقلوبة تماما، وواجهوا فجأة حقائق قاسية حيث قاموا بتسريح الموظفين، وخفض التكاليف بشكل كبير. وفي الوقت نفسه، كانت هناك أسئلة ضخمة تلوح في الأفق حول الكيفية التي يمكن أن يحدث بها الذكاء الاصطناعي ثورة في الطريقة التي تعمل بها العلامات التجارية.
وأسهم تباطؤ الاقتصاد العالمي في تفاقم المشكلة، فحسب البنك الدولي “من المتوقع أن يتباطأ النمو العالمي للعام الثالث على التوالي – من 2.6% في العام الماضي إلى 2.4% في عام 2024، أي ما يقرب من ثلاثة أرباع نقطة مئوية أقل من متوسط العقد الأول من هذا القرن”.
وأطلق البنك الدولي لقب عام “أضعف أداء لنصف عقد منذ 30 عاما” على عام 2024. كما أسهمت الحروب والاضطرابات في روسيا وأوكرانيا ومنطقة الشرق الأوسط في تفاقم المشكلة مما أدى لانسحاب استثمارات ضخمة من الشركات الناشئة، حسب ما ذكرت منصة فوربس.
سنتعرف في هذا التقرير على أهم 5 تحديات تواجه الشركات الناشئة في العالم بما فيه عالمنا العربي في هذا العام، وذلك اعتمادا على أبرز المواقع العالمية المتخصصة مثل “فوربس” و”ميديوم” و”تي تيك”، بالإضافة إلى رأي الخبراء لدينا.
1- التحدي المالي
تقول نور المصري -وهي رائدة أعمال وصاحبة شركة للتوظيف في الأردن- إن “أهم تحد يواجه الشركات الناشئة هو صعوبة وجود التمويل الكافي أو العثور على المستثمرين المناسبين الراغبين في دعم هذه المشاريع”.
وتضيف “بما أن العديد من رواد الأعمال هم من الشباب، فإن ذلك بحد ذاته يشكل تحديا كبيرا لكسب ثقة المستثمرين، بسبب قلة الخبرة لدى هؤلاء، كما أن نجاح أي فكرة يتطلب وجود فريق مناسب من المهنيين الموهوبين القادرين من جهة على تطوير المنتج أو الخدمة، ومن جهة أخرى لديهم القابلية للتعلم والتطور مواكبةً للنمو التكنولوجي والعلمي السريع الذي نعيشه”.
والسؤال الذي يطرح نفسه هو: كيف يمكن للشركات الناشئة أن تتغلب على هذه العقبة؟
يقدم الخبير الاقتصادي مارشال هارجريف نصائح مهمة لرواد الأعمال الشباب للتغلب على هذه المشكلة من أهمها بناء المرونة المالية من حيث:
- تنويع مصادر الدخل بحيث لا يكون كل بيضك في سلة واحدة.
- وضع خطط طوارئ للسيناريوهات الاقتصادية المختلفة.
- تأمين التكاليف الثابتة ما أمكن ذلك.
- الحفاظ على احتياطات نقدية لاستخدامها وقت الحاجة.
2- التحدي التكنولوجي
تتسارع الابتكارات التقنية بشكل غير مسبوق ففي كل يوم هناك شيء جديد، وبالذات في الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي بتجلياتهما المختلفة، وتفتح كل قفزة إلى الأمام فرصا جديدة بينما تهدد نماذج الأعمال القديمة.
وتتوقع منصة “ستاتيستا” أن يصل سوق برمجيات الذكاء الاصطناعي العالمي إلى 126 مليار دولار بحلول عام 2025.
ويتعين على الشركات الناشئة التي تتطلع إلى المستقبل التكيف مع التقدم التكنولوجي من حيث:
- مواكبة التغيرات التكنولوجية السريعة: يجب على الشركات الناشئة مواكبة المشهد التكنولوجي المتطور باستمرار لتظل قادرة على المنافسة.
- تكامل الذكاء الاصطناعي: يمكن أن يشكل دمج الذكاء الاصطناعي في العمليات التجارية، وصنع القرار تحديا للشركات الناشئة، ولكنه أمر ينبغي التغلب عليه لتبقى هذه الشركات في السوق.
- تهديدات الأمن السيبراني: تعد حماية البيانات الحساسة وضمان تطبيق تدابير الأمن السيبراني أمرا بالغ الأهمية بالنسبة للشركات الناشئة، وهو تحد آخر يجب التكيف معه.
3- تحدي الحفاظ على الجودة
وهذا أمر في غاية الأهمية إذا أرادت الشركات الناشئة الحفاظ على وجودها. تقول نور المصري: “للنجاح في تحدي الاستمرارية، يتوجب على أصحاب الشركات الناشئة العمل على تحسين جودة المنتج أو الخدمة المقدمة للجمهور من خلال متابعة ملاحظات المستهلكين، وأخذها بعين الاعتبار في ظل المنافسة الموجودة في السوق”.
وتضيف المصري: “تعمد بعض الشركات الناشئة إلى تخفيض أسعار منتجاتها وذلك لمواجهة المنافسة إلا أنه في كثير من الحالات تقع هذه المشاريع في فخ الجودة أي أنها لغاية تخفيض الكلفة تقوم بالتأثير سلبا على الجودة النهائية للمنتج من خلال الاعتماد على مواد أولية أقل سعرا، وهذا ما يسمى بتحدي الحفاظ على الجودة”.
للتغلب على هذا التحدي ينبغي على الشركات الناشئة العمل على اكتساب العملاء والاحتفاظ بهم من خلال:
- فهم احتياجات العملاء: يجب على الشركات الناشئة إجراء أبحاث سوقية شاملة لفهم تفضيلات العملاء واحتياجاتهم.
- توفير تجربة عملاء استثنائية: يعد تقديم تجربة عملاء سلسة وشخصية أمرا حيويا للشركات الناشئة.
- ملاءمة المنتج للسوق: يمثل تحديد السوق المستهدف المناسب وضمان ملاءمة المنتج للسوق تحديا للشركات الناشئة.
- الابتكار المستمر: البقاء في صدارة المنافسة يتطلب الالتزام بالتطوير المستمر للمنتجات والابتكار.
4- تحدي التسويق
ليس هناك وقت كبير لدى الشركات الناشئة لتضيعه عندما يتعلق الأمر بإيصال منتجاتها أو خدماتها إلى العملاء، خاصة للشركات التي تحاول ترك بصمتها بسرعة، إذ يرغب المستثمرون في رؤية عائد الاستثمار على الأموال التي دفعوها، كما أن العلامات التجارية حريصة على إحداث تأثير في السنوات الأولى.
ولكن طرح المنتجات والخدمات في السوق يمكن أن يستلزم الكثير من التجربة والخطأ، الأمر الذي لا يكلف الوقت فحسب، بل المال أيضا. فكلما طال وقت وصولك إلى السوق، استغرق الأمر وقتا أطول لجني أي فوائد نهائية لمؤسستك.
وهنا ترى نور المصري أن على فريق العمل:
- تطوير إستراتيجية تسويق فعالة: من خلال استغلال وسائل التواصل الاجتماعي في الترويج للمنتج أو الخدمة، والاعتماد على المؤثرين لاستقطاب جمهور المستهلكين.
- خلق الوعي بالعلامة التجارية: يمثل بناء الاعتراف بالعلامة التجارية وتأسيس حضور قوي في السوق تحديا للشركات الناشئة في سنواتها الأولى، وهو ما يجب أن تراعيه إستراتيجية التسويق.
5- تحدي الصبر
ربما يكون هذا هو التحدي الأهم، وهو الصبر عند مواجهة المشكلات، وعدم الاستسلام أمام المعوقات والاستمرار في البحث عن حلول لتجاوز أي إخفاق يتعرض له رائد الأعمال إذ إنه من الطبيعي أن تواجه كل مشروع تحديات خاصة في مراحله الأولى، ومن هنا تظهر كفاءة صاحب الشركة في تخطيها، وتحويل العثرات إلى خطوات على سلم النجاح والتميز.